
الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الخطر في الساحل وغرب أفريقيا: الإرهاب يتحول إلى تهديد عالمي
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة من أن الوضع الأمني في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل يزداد تعقيدا، مشيرا إلى أن خطره تجاوز الحدود الإقليمية ليصبح “تهديدًا عالميًا متصاعدًا”، وذلك خلال جلسة لمجلس الأمن خُصصت لبحث السلم والاستقرار في المنطقة، في لحظة وصفها بأنها “بالغة الإلحاح”.
وخلال عرضه أمام المجلس، أكد الأمين العام أن المنطقة تواجه “خطر تأثير الدومينو”، بفعل اتساع نفوذ الجماعات الإرهابية وترابطها داخل أفريقيا وخارجها، مشيرًا إلى أن تدهور الأوضاع في مالي يمثل مثالًا صارخًا على حجم التهديد، بعدما تسببت جماعة مسلحة في تعطيل إمدادات الوقود إلى العاصمة باماكو، مؤديةً إلى نقص حاد في السلع والخدمات الأساسية وتقليص أنشطة برامج الأمم المتحدة الإنسانية.
وأوضح أن استمرار هذا الوضع قد تكون له عواقب خطيرة على ملايين الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدات المنقذة للحياة، خصوصًا في دول تعاني أصلًا من فقر مدقع وضعف مؤسسات وأضرار جسيمة ناجمة عن تغير المناخ.
وأشار في السياق ذاته إلى استمرار تمدد جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى وبوكو حرام داخل منطقة الساحل، مستغلة هشاشة الدول وتراجع حضورها في بعض المناطق.
وبحسب المؤشر العالمي للإرهاب، تحتل خمسة من أكثر عشر دول تضررًا بالإرهاب موقعها في منطقة الساحل، التي تستحوذ على 19% من الهجمات الإرهابية عالميًا، ونسبة تتجاوز نصف الضحايا المرتبطين بالإرهاب في العالم.
وكشف الأمين العام أن العنف وعدم الاستقرار تسببا في نزوح نحو أربعة ملايين شخص عبر مالي وبوركينا فاسو والنيجر ومناطق مجاورة، إضافة إلى إغلاق ما يقارب 14 ألفًا و800 مدرسة وأكثر من 900 منشأة صحية، ما حرم ملايين السكان من خدمات أساسية.
ودعا إلى تحرك دولي عاجل يرتكز على ثلاثة مسارات:
- تعزيز التعاون الأمني والسياسي بين دول المنطقة، خصوصًا في ظل التوترات داخل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
- زيادة الدعم المالي للعمليات الإنسانية، إذ لا تزال النداءات الموجهة لعام 2025 – البالغة 4.9 مليارات دولار – تعاني من نقص كبير في التمويل.
- إطلاق استراتيجية تنموية طويلة الأمد تعالج جذور التطرف عبر دعم التعليم والتشغيل وإعادة بناء العقد الاجتماعي.
وفي كلمته، شدد رئيس جمهورية سيراليون – التي تترأس بلاده مجلس الأمن هذا الشهر – على أن الأزمة في الساحل تمثل اختبارًا لمسؤولية المجتمع الدولي في صون السلم والأمن العالميين، محذرًا من أن تجاهل التهديد قد يجعل المنطقة “ملاذًا دائمًا للجيوب المتطرفة على بُعد ساعات من المدن الكبرى”.
واختتمت الجلسة بدعوات قوية لتوحيد الجهود الدولية والإقليمية، في ظل تأكيدات أممية بأن تحقيق الاستقرار في الساحل وغرب أفريقيا لا يزال ممكنًا، شريطة توفر الإرادة السياسية والدعم المستدام لمعالجة جذور الأزمة وتعزيز قدرة الدول على مواجهة التحديات المتصاعدة.



