
رحيل العالم محمد الزين ولد القاسم… أحد آخر رموز الزوايا التقليديين في موريتانيا
باركيول.نت (نواكشوط) توفي اليوم في نواكشوط العالم الموريتاني “محمد الزين ولد القاسم”، عن عمر ناهز 73 عاما (1952-2025)، بعد مسيرة علمية وروحية جعلته يعد من آخر الكبار في جيل العلماء المحظريين الكلاسيكيين، ومن أبرز وجوه الزوايا في صيغتها المغاربية الأصيلة.
ولد الراحل في مدينة “كرو” بولاية لعصابة، ودرس في تكانت، حيث أسس منذ ثمانينيات القرن الماضي عدة محاظر بارزة مثل “اكراف الخير” و”القفلة” و”اجميجة”، وظلّ ينفق على تعليم الطلاب وتوفير الإعاشة مجانا، مجسدا النموذج التقليدي للزاوي المربي، بعيدا عن مؤسسات الدولة أو الريع الديني.
كان محمد الزين وفيا لنموذج الزاوية كمدرسة روحية وعلمية، لا ككتلة عشائرية فقط، كما غلب على بعض الممارسات في البيئة الصحراوية. وقد تأثر بأستاذه “الحاج ولد فحفحو” وسار على نهج علماء القرنين التاسع عشر والعشرين، ممن جمعوا بين الورع والعلم وخدمة المجتمع من غير طلب جاه ولا منصب.
عرف عنه بناؤه للطرق التي ربطت القرى المحظرية في لعصابة وتكانت، مساهمًا بذلك في فك العزلة وتعزيز التواصل الثقافي والتجاري في المنطقة.
وبالرغم من ابتعاده عن الأضواء والسلطة، برز اسمه في 2021 بعد تفاعل جدلي على وسائل التواصل الاجتماعي، حين اصطدم أسلوبه المزاحي التقليدي بما اعتبره البعض تجاوزا لقيم “الصوابية السياسية” لدى الأجيال الشابة، ليُظهر تفهمًا واعتذر دون مكابرة، ما زاد من احترام كثيرين له.
برحيل محمد الزين ولد القاسم، تفقد موريتانيا أحد أواخر رموز الزوايا المحظرية الأصيلة، ممن جمعوا بين العلم والتقوى والتواضع، وخلفوا أثرا روحيا ومعرفيًا سيظل حاضرًا في الذاكرة الثقافية والدينية للبلاد.




